أعلنت دار النشر في الجامعة الأميركية في بيروت (AUB PRESS) عن إصدارها الجديد الرحيل/البقاء. يتقصّى هذا الكتاب المفرداتِ المعقّدةَ للهجرة اللبنانيّة، متناولًا من اللهجة المحكيّة اثنتي عشرة مفردةً تعكس كلّ ما يتعلّق بعنوان الرحيل/البقاء من حيث الخيارات، والضغوطات، والواقع. تشرف على هذه الدراسة الفنّانة المشهورة جنا طرابلسي، وهي طالبة في السنة الثالثة في قسم تصميم الجرافيك في الجامعة الأميركية في بيروت وتعمل على تطوير هذا المشروع التعاونيّ بوصفه جزءًا من نُدوة موسومة بـ “نظريّة التصوّر”. يجمع المشروع بين النظريّ والتفكير النقديّ والإبداع ضمن الإطار العمليّ التطبيقيّ، موسّعًا الدورَ التقليديّ لتصميم الجرافيك ليصبح أداةً للتحليل الاجتماعيّ والثقافيّ.
تتلخّص نتيجة هذه الدراسة بتحليل الطلّاب لكلمات تتعلّق بالهجرة مثل “باسبور”، “برّا”، “طار”، و”طلّة”، إذ تُقدَّم كلُّ كلمةٍ من خلال سردٍ بصريّ يوضح نظرة اللبنانيّين للهجرة بمعانيها الدقيقة. لقد اختار الطلّاب كلّ كلمة في صفوفهم وفسّروها عبر تقنية العصف الذهنيّ، وهذا ما أدّى إلى ابتكار بيكتوغرامات فريدة، وهي رموز أو صور مرئيّة تمثّل مفاهيم معيّنة بطريقة بسيطة وسهلة الفهم، لتوضح الدلالات المتعدّدة للكلمة الواحدة. بهدف تقديم وجهات نظر جديدة، ومن خلال ربط عناوين الأخبار غير المرتبطة بالصور، درس الطلّاب دورَ الإعلام في سردِ قصص الهجرة وصمّموا حلقاتٍ على وسائل التواصل الاجتماعيّ تفسّر كلّ كلمة من خلال اللغة البصريّة. وكانت النتيجةُ إعادةَ تفسيرِ مفردات تعكس تجاربَ الهجرة اللبنانيّة، وتبيّن تأثيرَ تلك المفردات في الذين تعرّضوا لظاهرة الرحيل مقابل البقاء.
إلى جانب التعابير اليوميّة والأدب المحلّيّ والرؤى الأكاديميّة، يتضمّن المعجم اللبنانيّ كلماتٍ مثل “وصّي” (والتي تشير إلى العناية أو الاعتماد الذاتيّ) و”قريب” (والتي ترمز إلى الهجرة المهدّدة بالخطر)، فضلًا عن محاضرة مسجّلة للمصمّم مروان كعبور. إنّ هذه الإسهامات معًا تبيّن أهمّيّة كلّ كلمة في النسيج الاجتماعّي للبنان وشتاته. وعبر دمج الكلمات والصور والسياق، يدعو مفهوم الرحيل/البقاء القرّاء إلى رؤية وقوع اللغة، الشفويّة والبصريّة، في صلب تجربة الهجرة اللبنانيّة، مقدّمًا منظورًا دقيقًا حول الحركة، والمرونة، والهُويّة.